“مارك يسأل”
أستيقظت من النوم وفتحت عيني علي الفيسبوك وأنتبهت علي سؤال مارك زوكيربيرج وكأنني أقرأه لأول مرة !
What’s on your mind ?
تسألت بجدية، تري ماذا يدور في عقلي الأن ؟ وفيما أفكر ؟ ، قررت أن أخوض التجربة وأسجل كل ما يطوف بعقلي من أفكار في ذلك اليوم ، وكان هو يوم السبت الموافق ٢٥ من يناير ٢٠٢٠ ، سجلت مجموعة كبيرة من الأفكار والمشاعر التي مرت بي علي مدار ذلك اليوم ! ، لم أتمكن من إصطياد وتسجيل مجموعة أخري ولم أتوقف عندها كثيراً، وكذلك لم أسجل لحظات إتخاذ القرارات الروتينية وأغلبها قرارات تافة علي غرار أين أذهب ؟ وماذا أكل أو أشرب أو…..إلخ؟
ودعني أُجيبك يا مارك وأجيب نفسي :
في السادسة والنصف صباحاً
- لا أدري لماذا قفز عقلي وفكرت في أمر أؤلئك المحكوم عليهم بالأعدام ، ربما لأنني كنت قبل أن أنام أفكر في كتابة قصة عن مشاعرهم وافكارهم وعما يدور بعقولهم وهم ينتظرون موعد تنفيذ الحكم ، يالها من بداية لليوم ! (ملحوظه كنت في الليلة السابقة أقرأ رائعة فيكتور هوجو مذكرات محكموم عليه بالأعدام )
- إن المحكوم عليهم بالأعدام يعلمون أنهم يموتون لا محالة ، وكذلك الغير محكوم عليهم بالإعدام يعلمون تلك الحقيقة الأبدية ولكنهم يفرون منها ، فرار ساذج ليس فيه نجاة (اللهم رحمتك لماذ أفكر في هذه الأشياء الأن ؟!)
- أفكر في الذهاب لمعرض الكتاب هناك رغبة دائمة وسعادة غريبة كلما فكرت في شراء كتاب جديد ، يطاردني سؤال كيف سأختار كتب جيدة بين آلاف الكتب الموجودة؟!
- لماذا صفحات الفيسبوك تحد من وصول الرسائل الي كل المتابعين لتلك الصفحات ، إن سياسية الفيسبوك هي سياسة الجشع والمال ، يمكنني أن أتفهم تلك الساسية فيما يتعلق بالصفحات التي تعلن عن البيع والشراء والمكاسب والمال ولكن صفحات الفن كالموسيقى والرسم والأدب وغيرها من الفنون، لماذا يُضيق الفيسبوك علي وصول تلك الفنون لكافة البشر أو الي كل المتابعين لتلك الصفحات؟ أتمني ظهور منافس جديد للفيسبوك لا يضع قيود الجشع التي يضعها الحاج مارك وشركاه !
- إحباط وافكار سيئة حول الهدف من الكتابة ، وما آل إليه حال النشر في مصر من تردي!
السابعة والنصف (ستاربكس )
- ماذا يحدث لو لم يكتشف الإنسان القهوة؟!
- افكار مكررة حول الحياة والموت !
السابعة التاسعة صباحاً قمت بزيارة مدينتي القديمة حيث قضيت فيها معظم سنوات عمري وتجولت في شوارعها
- أفكر في أثر الزمان علي الأنسان، أري أُناس كثيرين أعرفهم ، أشعر بالحزن حين تقع عيني علي أحدهم وقد أعمل الزمان فيه ، ربما هم أيضاً يرونني كذلك وانا لا أري نفسي !
- فكرة زيارة معرض الكتاب تعاودني من جديد !
- ذكريات عدة تطاردني وأنا أتجول في الشوارع ، تطوف عيني بالمحال وأمعن النظر في الوجوة ، عقلي يستعيد صوراً كثيراً من الطفولة ! ، لماذا هذا “الدكان” خالياً من البضاعة منذ سنوات ؟ ولماذ تجلس صاحبته العجوز أمامه هكذا وهي لا تبيع ولا تشتري شيئاً ؟ أذكرها حين كانت شابة وكنت حينها لا أزال طفلاً صغيراً أمشي إلي جوار أبي !
- لماذا وحين نشيع جنازة أحد ، يعلق بعض الرجال أذرعهم إلي أذرع من يمشون إلي جانبهم وهم يتجهون صوب القبور ؟! ربما هي حركة لا إرادية نقوم بها ليقوي بعضنا البعض في ذلك الموقف لا أدرس ؟! ربما هي لحظة نحتاج فيها الي من نتكأ عليه في ذلك الطريق الموحش ؟ أو ربما هي رغبة داخلية وتعطش الي الشعور بالأمان ؟ (أريد أن أكتب عن هذا الأمر )
في طريقي الي معرض الكتاب الحادية عشرة صباحاً
- أفكار حول معرض الكتاب في العام الماضي ٢٠١٨ وحلمي بتوزيع كتابي الجديد ، ذلك الحلم الذي تبدد علي يد أحدي دور النشر !
- أفكار وسخط علي دور النشر وحالة التردي التي وصلت اليها !
- مارك أأنت حقاً تهتم لما أفكر فيه ؟ أنت رئيس أكبر دولة في العالم ! تهتم بأمر ما يدور بعقل أحد رعاياك ، أذكر حديثاً دار بيني وبين أحد الأساتذة الكبار وقد وصف مارك بأنه رئيس أكبر دولة في العالم ، فعدد متابعي الفيسبوك يزيد علي عدد سكان أي دولة في العالم،وهو قادر علي أثارت الفوضي في ثوان معدودة وقادر علي الوصول الي مواطنية بطريقة مباشرة، طريقة لا يحتاج فيها الي حكومة ووزراء بل يكفيه فقط أن ينشر ما يريد ليصل الي كل من يريد ، فكرة مرعبة (أعتقد بأن جميع الأفكار المتعلقة بمارك والفيسبوك ، تلاحق عقلي لأني أفكر منذ الصباح في سؤاله وفي الرد عليه فأحتل مارك والفيسبوك دون أرادة مني جزءً كبيراً من تلك الأفكار )
- في معرض الكتاب ، وقع عيني علي شاب لم يتجاوز العشرين من عمره يقف وإلي جانبه عشرات الكتب إشتراها ، هناك أعداد عظيمة من الشباب الصغير يقرأ هذا عكس ما كنت أُؤمن به في أختفاء القراءة في مصر !
- كانت الشابة تمسك بالكرسي المتحرك وهي تتجة به الي بقعة مشمسة خارج قاعات معرض الكتاب ووضعت الكرسي بحيث تقع الشمس علي وجه والدتها ، كانت والدتها طاعنة في السن لا تقدر علي شيء وكانت هناك نظرات بينها وبين إبنتها ، نظرات الأم تحمل رجاء ما ، قلق ما أو ربما هي نظرات فيها تشبث بالحياة ، ونظرات الإبنة فيها طمأنينة وتفاؤل لا يخلو من من مسحة قلق، أفكر في أمر تلك الرسائل والنظرات ، تقف الإبنة إلي جوار والدتها الضعيفة كما وقفت الأم يوماً ما إلي جوار طفلتها الضعيفة ! (يحتل ذلك المشهد عقلي وتَسكن نفسي كلما فكرت في تبادل الأدوار بين الأبناء وأبائهم وأمهاتهم )
الخامسة عصراً (أفكار كثيرة ومتنوعة لا أعرف مصدرها، ربما وقعت عيني علي بعض المَشاهد أو سمعت ساعتها بعض الأخبار)
- لماذا كل هذا التوسع السكني بالتجمع والعاصمة الأدارية؟ ! ولماذا نعيد رصف الطرق المرصوفة من الأساس !
- التعليم في مصر كارثي ، كل إصلاح يبدأ بالتعليم !
- الفتيات أصبحن أكثر جُرئه من الشباب !
- افكار مكررة حول الحياة والموت !
- أفكار حول الكون وإتساعة وإشكال المجرات والإنفجارات والثقوب السوداء (بعد تسجيل تلك الإفكار وأعادة قراءتها يمكنني أن أقول وبكل أمان إنني شخص مجنون !)
الثامنة مساءً في أحد المحال
- تقع عيني علي طفل في نحو السابعة من عمره يقف وحده ينظر الي الحلوي المعروضة في ذلك المحل، هذا مشهد رأيته كثيراً قبل ذلك ولكن اليوم حدث شيء عجيب ، فلقد رأيت طفلاً أخر أكبر عمرا بقليل من الطفل الأول ربما هو في العاشرة من عمره، رأيته يقف إلي جوار أبية وينظر الي الطفل الصغير ثم توجه ناحية “الثلاجة ” وأخذ منها شكولاتة وأسر في أذن أبية بشيء ما ثم ذهب وأعطي الشيكولاته الي الطفل الصغير وهو يبتسم له ، هنا تدافعت الأفكار والمشاعر في نفسي ، من علم ذلك الطفل الرحمة ؟ لماذ يبخل الكبار وتَقسي قلوبهم أمام ضعف الصغار وحاجتهم ؟ هل تعودت عيوننا علي تلك المُشاهد المتكرره من عوز وحاجة فألفناها ولم نعد نلقي لها بالاً ؟! تري هل سيذكر ذلك الطفل الصغير تلك الحادثة ؟ هي سيذكر الطفل الكبير وأبية ذلك الطفل ؟ الحياة تزيدنا قسوة وغلظة !
مارك ، هلي هذا يكفي ؟
دعني أشكرك علي السؤال ، فلم أفكر يوماً ما في تسجيل الأفكار التي تمر بعقلي في يوم واحد، ولقد مرت بي اليوم عشرات من الأفكار والأسئلة الأخري ولم أتمكن من تسجيلها ، علي أي حال لقد تبين لي ومن دون شك أني أعاني من أضطراب عقلي ما،
أو ربما ذلك الخليط والتنوع والتيه مطلوب للعقل حتي لا يُسجن ويُعزل في زنزانة واحدة تفضي به إلي الجنون !
الجمهورية أونلاين
(الاثنين ١٧ فبراير ٢٠٢٠)
Leave a Reply