القلم : لن تكون هذه الليله هي الليله المنشودة ،

فعلى نهج ما تناقله الرواه ،فالليل يجب أن يكون حالكاً والسحاب كثيف ذو لون رمادي يعزل الأرض عن السماء ويتجهز لرعد يثير الرعب في القلوب وحفيف أشجار متقطع لا يُعلم له مصدر والشوارع خاليه والخلائق تغط في النوم …

 

العقل: نحن لا نحتاج الي كل ذلك حتي يتجسد أبليس ونراه رؤيا العين ، أنه موجود أينما وُجدنا ، بل أنه أقرب الي نفوسنا مما نظن ، إن خيالك ورغبتك في رسم صور مؤثرة هو ما يدفعك لتصوير ذلك المشهد الأسطوري !!

 

القلم : ولكن تلك المؤثرات ستأخذ بالعقول والنفوس !

 

العقل: دعك من تلك المؤثرات فأنا لا أريد الأن “أدب” ، وأخبرني ماذا ستفعل لو ظهر أبليس وتجسد أمامك الأن ؟

 

تردد القلم قليلاً قبل أن ينطلق

 

القلم : سأطارح عليه أسئله لطالما ترددت كثيراً حتي في التفكير فيها ، سأسأله….. ماذا لو أطعت الله وسجدت لآدم؟ ماذا لو لم تتكبر وأقررت بسيادة آدم وسلطانه؟

 

العقل: لا أعتقد إن هذا هو ما تصبو اليه بسؤالك ؟

 

القلم (في تردد): نعم!

 

ثم أتبع

 

القلم: إن بنو البشر جميعاً يُحاسبون من أجل خطيئة آدم وعصيانه لربه، خطيئة لم يشهدها أحد منهم ولكنهم جميعاً يدفعون ثمنها ! فهل في هذا عدل ؟ وتلك الخطيئة كانت بسبب وسوسه أبليس له ! (سكت قليلاً قبل أن ينطق) الانسان كائن معذب يدفع فاتوره وسوسة أبليس وعصيان أبيه أدم !

 

العقل: لو سجد أبليس لآدم ما كان ذلك ليحول دون هبوط آدم الي الأرض ، فلقد أراد الله قبل خلق آدم أن يكون خليفه في الأرض وساكناً لها وهبوطه الي الارض كان سيحدث سواءً عصي أدم ربه أو لم يفعل ..!

 

القلم: أو ليس في هبوطه عقاب علي معصيته ؟!

 

العقل: لقد عُوقب آدم و عرف معني الحرمان والضعف ومزقه التيه والندم !

 

القلم : لا أري الا أن أبليس قد أُخرج من الجنه لكَبْر وخيلائه وأدم قد خرج منها لضعفه !

 

العقل: أصبت شيء من الحقيقه ولكن …

 

قاطعني القلم

 

القلم : و لو سجد أبليس لآدم، ولو هبط آدم الي الارض وأبليس لا يوسوس له ولا يغُويه، أيعني هذا بأن السلام سيملأ الأرض؟ ولا نري في الأرض الا جنه أخري غير جنه السماء؟!

 

العقل: أنا لا أحمل أبليس وحده المسئوليه عما يحدث في الأرض من شرور وآثام !

القلم: أعتقد بأن أبن آدم قد وجد ضالته في أبليس ووسوسته ، فأبن آدم يعول كل شر يرتكبه ويلقي بكل خطيئة يقترفها علي أبليس ووسوسته، وأبليس منها برأ

 

العقل: ما أري الا أنك صورت أبليس في صوره الملاك وأصبغت عليه كل فضيله !

 

القلم: لا تبالغ ! إني أُومن بأن أبن آدم يُحمِّل ابليس أوزاره ويحمله ايضاً المسئوليه عن كل فساد يقع في الأرض

 

العقل: أكاد أتفق معك … (سكت العقل وأكمل كمن يفكر في أمر عظيم) أعتقد بأن الجانب الأعظم مما تسميه أنت بفساد الارض لا يقع علي أبليس وحده أنما يقع علي “سلطه الاختيار” تلك السلطه التي أُهِل لها الأنسان دون غيره من خلق الله ، والنفس البشرية في تكوينها مزيج من خير وشر ، بل أن خلافه الأنسان في الارض وما يؤول له من الحكم والفصل في قضايا الناس وما تحمله تبعات الخلافه من خطأ وصواب لابد أن تخلف ورائها ظلم كما تولد علي يديها العدل والسلام

 

القلم: وأبليس؟!

 

العقل: عدو مضل هو ونفس أبن أدم !

القلم: ألا يوجد مع كل هذا ما يعين الانسان

ويمنعه من الإفساد في الارض؟!

 

العقل: بلي… أن الله قد حبب الخير وزينه لنفس ابن أدم ، وأنك لتري نفوس العصاه تعذبهم والكاذب يندم علي كذبه والسارق يحتاج الي ما يبرر به سرقته وكذلك القاتل و ….

القلم: أيكفي وخز ذلك الشيء الذي تسميه “نفس الأنسان” ؟!

العقل: أنسيت باب الله الذي لا يغلق “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “

 

مضت لحظه صمت طويله سكت العقل والقلم عن الكلام ورغبه ملحه للنوم تداعب العقل فستسلم لها راضياً وترك القلم وحيداً فوق صفحات الورق الأبيض ينتظر الحديث القادم

 

 

 

الجمهورية اون لاين

 

الاربعاء 5 ديسمبر 2018

 

https://www.gomhuriaonline.com/%D8%A3%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%AB%20/311572.html