المسألة

المسألة

“المسألة ليست مسألة “سؤال” المسألة مسألة أهتمام !”

 

وقف يختلس النظر إلى الزوجين الجديدين من خلف نافذة تطل علي العمارة المقابله لبيته، في تمام السابعة صباحاً يخرج الزوجان من البيت ويتجهان نحو سيارته، نادراً ما كان يراها تركب سيارتها وحدها ، تأكد من أن زوجته نائمه ولن تراه وهو يتلصص علي جيرانه، عموماً هي لن تفهم أنه لا يتلصص علي أحد إنما كان فقط ينظر إلى “شيء جميل” ، ينظر إلى “الحياه” كما يجب أن تكون ، وليس تلك الحياه التي يعيشها مع زوجته !

وراح يفكر في تلك الزوجه الشابة الجميلة وكيف تصحو كل يوم قبل السابعة وتتجهز للنزول مع زوجها في كامل أناقتها، ورأى أيضاً زوجها وهو يُمسك “بشنطه” صغيرة يحمل فيها طعامه إلى ان يعود الي البيت !

بدت الحسرة علي وجه الرجل وهو يتذكر أنه وطيلة خمس وثلاثون سنه على زواجه لا يذكر أن زوجته قد أهتمت لأمر طعامه يوماً كما تفعل تلك الزوجة الشابه، ولا يذكر أن زوجته قد سأله يوماً إن كان قد تناول أفطاره أم لم يفعل !

 

“المسألة ليست مسألة “طعام” المسألة مسألة أهتمام ! “

 

راح يلوم نفسه علي زواجه من تلك المرأة والتي لا تستيقظ قبل العاشرة حيث يكون قد ذهب هو إلى عمله وأعد طعام إفطاره بنفسه وترك البيت دون أن تشعر هى به !

 

ثم راح يحسد الشاب علي أناقة زوجته

ورشاقتها وكيف تهتم بتناسق ألوان ملابسها فتبدو كالورده جميلة وبسيطة، أحمر وجهه من الغيظ حين تذكر كيف نصح زوجته بالأنقاص قليلاً من وزنها وما لاقاه بعدها في معامله سيئه !

 

“المسألة ليست مسألة “وزن زائد” المسألة مسألة أهتمام !”

 

ثم راح يوبخ نفسه كيف سمح لنفسه أن يراقب هذين العروسين الجديدين كل يوم ، وكأنه شاب مراهق ، بل خجل من نفسه يوم أن لمح الزوجة الشابة وهي تطل من شرفة غرفتها تنتظر عودة زوجها، فراح يختلس النظر اليها دون أن تراه هي أو تشعر بوجوده،

وتذكر حاله حين كان يتأخر لساعات في العمل فلا تتصل به زوجته، و حين تتصل به كانت تسأله فقط “أين هو الأن ؟ وماذا يفعل؟ ” كنوع من المراقبة والتسلط لا أكثر من ذلك !

 

“المسألة ليست مسألة “سؤال” المسألة مسألة أهتمام !”

 

وبخ نفسه علي أفعاله الصبيانية تلك وعلي أفكاره السوداء الكئيبة وتذكر أنه يجب أن يعود مبكراً الْيَوْمَ فالْيَوْمَ سيقام “حفله تخرج ” أبنه الأكبر من الجامعة ، ولكنه تسأل كيف مضت كل تلك السنوات ؟ الْيَوْمَ سيُنهى أبنه الأكبر مرحلة الجامعة وسيبدأ حياة العمل وتمتم يقول ” أتمني أن أنصحه بما تعلمته في حياتي قبل أن يُخطأ مثلما أخطأت أنا ، ياليته يحظى بزوجة جميلة كتلك الشابه ، ياليته يفعل ! “

 

“المسأله ليست مسألة “زواج” المسألة مسألة أختيار !”

 

نزل الأستاذ “عادل” من بيته في تمام السابعة والربع متجهاً إلى عمله ولا تزال تلك الأفكار تطارده غير أن بسمة قد تسربت إلى وجهه حين تذكر حفل التخرج وراح يُحدث نفسه “هذا هو نِتاج حياتي ، يجب أن أشعر بكل فخر فاليوم سأرى شجرة الايام وهي تلقي إلي بأول ثمارها ” وطرد الأفكار الأخري من رأسه !

 

“المسألة ليست مسألة “زواج” المسألة مسألة سعادة !”

 

………………………………………………………………………………………

أحمر وجه “ساره” الزوجة الشابة وأحتقن بالدماء وهي تنتظر عودة زوجها من عمله، لقد علمت مجدداً بأن علاقته بتلك الفتاة لم تنقطع بعد ، وجن جنونها فكيف في عام زواجها الأول تكتشف خيانته لها لمرتين ، راحت تُذكر نفسها بكل ما فعلته وتفعله من أجله، فهي تستيقظ حين يستيقظ بل كثيراً قبل أن يستيقظ هو، وتنام حين ينام هو ، وراحت تكرر فيما بينها وبين نفسها “لا أعتقد بأني أبدو غير أنيقه أمامه أو أمام الجميع حتي ينظر لغيرى”

 

“المسألة ليست مسألة “نزوة” المسألة مسألة أحترام !”

 

لطالما تمنيت زوجاً يشبه أبيها في أخلاقه وحبه وأحترامه لأمها، ولكنها تحبه ! ، ثم أخذت تتسأل لماذا يفعل بي ذلك ؟! لماذا يخونني ولم يمضي عام واحد على زواجنا ؟

 

“المسألة ليست مسألة “أحترام” المسألة مسأ حب !”

 

وقفت في شرفتها كي يتسنى لها أن تراقبه حين يصل وتعرف كم سيمكث من الوقت في سيارته وحده قبل أن يصعد إليها وعصفت بها الشكوك مجدداً !

………………………………………………………………………………………..

في يوم الجمعة وقبل غروب الشمس وقف الاستاذ “عادل” في شرفة بيته ممسكاً بكوب من الشاى، وراح يختلس النظر بين الحين والآخر إلى شرفة العروسين الجديدين

ثم راح يقول لنفسه “أنا لا أفعل شيء يدعو إلى الخجل، فأنا لا أراقب تلك الزوجة الجميله مراق العاشق فليس بيني وبينها شيء ، ولكنها جعلتني أندب حظي وأسخط علي ما أنا عليه، لقد علمتني كيف يكون أختيار الزوجة؟ وكيف يكون الأهتمام ؟ وكيف تكون الأناقة ؟ أنا مدين لتلك الفتاة، أنا من دون شك لا أحمل لها مشاعر رجل تجاه امرأه إنها فى مثل عمر أبنائي أنا فقط أشعر بالفرحة حين أراها سعي مهتمه بزواجها،

ياليت إبنى يحظي بزوجة مثلها ! أخشي أن أقول أن وجودها في “حياتي” لا …لا …..ليست حياتي أقصد وجودها هنا قد أعاد لي نبض الحياة وأعاد معه أيضاً بعضاً من الألم “

 

“المسألة ليست مسألة “زواج ناجح” المسألة مسألة سعادة !”

 

ثم رأي سيارة تقف أمام بيت العروسين الجديدين وينزل منها سيدة وفتاة صغيرة تشبه العروس الجديدة ورجل في مثل سنه لابد أنها أسرة العروس الشابة أو أحد أقربائها أتوا لزيارتها !

وحدث نفسه مجدداً

 

“جميل أن تمتد علاقات المرء بعد زواجه بأسرة زوجته، وجميل أن ينشأ ذلك الدفء والتواصل فلا يشعر المرء بالوحدة أو الإنعزال بعد الزواج “

 

“المسألة ليست مسألة “وحدة” المسألة مسألة حب !”

………………………………………………………………………………………………….

شعر “عمرو” بالضيق والفتور فلم يمضى علي زواجه عام وإذا به يشعر بالحنين نحو فتاة كان يلتقى بها قبل زواجه، لم يجد من زوجته الجميلة شيء يبرر به حنينه لتلك الفتاة وراح يقول لنفسه

 

” انا لا افهم كيف فترت العلاقه بيني وبين ساره بهذه السرعه ، ولماذا دائماً تُصر علي أن تكون معي في كل خطوة أخطها وفي كل لحظه أقضها، أريد شيئاً قليلاً من الحرية

ولماذا لا تركب سيارتها بمفردها في الصباح وتصر أن تركب معي ؟ ثم تعود وحدها كل يوم في تاكسي ! ولماذا تصحو حين أصحو؟ ولماذ تنام حين أنام ؟ أنا أعرف كم هي متعبة ولكنها تصر علي ألا تنام قبل أن أنام أنا ؟ أنها تستمتع بمراقبتي في كل لحظة ؟ الزواج ليس “تملك” ، يجب أن يكون هناك بعض من الخصوصية ، وعموماً هي لن تفهمني وستعتقد بأنني أريد أن أبقى بعيداً عنها حتي يتسني لي فرصة لخيانتها ، أنا لم أخنها أنا أشعر بالملل والفتور فقط ، أريد بعض الحريه ، أريد أن ألتقى بأصدقائي دون أن تتصل هي بي كل دقيقة لا ل “لتطمئن عليّ” كما تقول ولكن لتفسد عليّ وقتي ، أما “دينا” فأنا أشعر بالراحة معها ، أكون بطبيعتي معها لا أتكلف شيئاً ولا أشعر بأنني مُراقب ،

“المسألة ليست مسألة “حريه” المسألة مسألة تفهم طبيعة الرجل !”

 

عموماً انا لم أخنها وهذا ما سأقوله لوالدها حين آلقاه الْيَوْمَ ، يبدو أنني قد تسرعت في الزواج مبكراً ، ياليت زوجتي تشبه “دينا” في طباعها “

……………………………………………………………………………………………..

كانت “فاطمة” ترقب هي الأخرى الزوجين الجديدين من بعيد و تسكن علي مقربة منهما ويتسنى لها أن تراهما كل صباح وربما في عطلة نهاية الأسبوع ، أحست فاطمه بالغيرة من تلك الفتاة، ولم تكن الغيره من أناقه الزوجة الجديدة ولا من جمالها إنما كانت غيرة علي ما حظيت بِه تلك الزوجة من زوج شاب أنيق يحب زوجته ويحرص عليها فهي تراه كل يوم يحمل عنها حقائبها و”شنطه” ربما فيها غداء لهما وتساءلت “ربما يعملان معاً في مكان واحد ! “

ويعود هو كل يوم إليها مبكراً ولا يتركها وحيدة حبيسة في بيتها وفاطمة تعود كل يوم من عملها في وقت متأخر ولا يفوتها أن تلمح من بعيد سيارة الزوج في مكانها كل ليلة!

“المسألة ليست مسألة “زواج” المسألة مسأله حب وأهتمام !”

 

وفاطمة تقيم مع إبنتها الوحيدة بعد أن قررت الا تفكر ثانية في الزواج فلقد كانت تجربتها الاولي والاخيرة (كهذا تقول هى أمام الناس) تجربة صعبة لم تستطع أحتمالها فقررت الطلاق !

 

“المسألة ليست مسألة “طلاق” المسألة مسألة “حياة” !”

 

وفي يوم الجمعه وحين وصل أهل العروسين الجديدين

 

قرر الاستاذ عادل الدخول من شرفته وهو يتمنى زوجة لابنه كتلك الجارة الجميلة وحياة لنفسه كحياة ذلك الشاب !

و أغلق فاطمة باب غرفتها عليها تبكى وحدتها وحظها وتتحسر علي زواجها فلقد رأت في حياه جارتها كيف يكون الحب و الزواج !

 

الجمهورية أونلاين

الخميس 7مارس 2019

 

https://www.gomhuriaonline.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A3%D9%84%D8%A9/349523.html

 

Leave a Reply

Your email address will not be published.