المرآه

المرآه

حين نظرت في المرآة

 

“أجل تغيرت، أكاد لا أعرف ذلك الشخص الذي أراه أمامي الأن في المرآة “

 

شغلتني الفكرة منذ سنوات، فكل من تحدثت إليه وسألته “حين تنظر في المرآة، هل تشعر بأن أمامك شخص أخر غير ذلك الشخص الذي تعرفه منذ سنوات؟ (وإذا جاءت الأجابة ب نعم، أطرح سؤالي الثاني) أخبرني أذاً كيف حدث ذلك التغيير ؟ “

 

سألت رجالاً ونساءً وشبابا وفتيات، لم أحدد مرحلة عُمُرية بعينها وقمت فقط بتسجيل الأجابات

 

 

ملحوظة قمت بحذف الإجابات المتشابهه تجنباً للتكرار وأخفيت الشخصيات وأعمارها وكذلك أستخدمت صيغة المذكر في جميع الأجابات

 

ولكن دعونا الأن نبدأ

 

  • “لا أدري بالتحديد متي حدث ذلك التغير، أذكر جيداً أنني في الماضي كنت أرفض بعض الأمور والأفعال رفضاً تاماً ثم بدأت في تقبل بعض الأشياء رويداً رويداً ثم أصبحت أتقبل أشياء أخري وأقبل بصدر رحب ما كنت أرفضه في الماضي، حتي تلاشت أشياء كثيرة وحلت مكانها أشياء أخري ، وصرت إلي ما أنا عليه الأن! (سكت للحظة وكأنه يتذكر شيئاً ما أو يتأمل شيئاً ما ثم أكمل ) أتدري ؟ إني أشتاق إلي نفسي وإلي ما كنت عليه في الماضي “

 

  • “كنت صغيراً ، لم أكن أعي كيف أُقيم الأمور والأشياء، إنجرفت خلف أشياء غريبة ، أنجرفت بكل شغف ، ثم وجدتني وبعد مضي كل تلك السنوات شخصاً أخر ، أنا لا أخجل إذا ما قلت لك لقد فَقدت تلك الطِيبة التي كانت تملأ كياني “

 

  • “الأيام والدنيا ، لقد لقنتني الحياة دروساً وأي دروس ، وتركت في نفسي جُروحاً لا أعتقد أنني سأنساها يوماً، أنا لا أفهم البشر ، أليس خير الله يكفي كل خلق الله ويفيض ؟! لماذا كل تلك الصراعات، لقد كنت أحمل الخير في قلبي للجميع وما تأخرت يوماً عن إغاثة ملهوف ولكنني الأن وبعد كل تلك السنوات أصبحت أفكر في نفسي، ولا أعتني كثيرا بأحد”

 

  • ” الزواج ، لم أكن محظوظاً في الزواج ، أنفصلت منذ سنوات عن زوجتي وأبنائي وأعتقد بأن ذلك الأنفصال وما سبقه من مشاكل وصراعات قد أستبدلني بشخص جديد ، شخص يبدو صلباً قاسي القلب أمام الجميع ولكنه في الواقع شخص هش محطم من الداخل “

 

  • “صُدمت في أُناس كثيرون كانوا أقرب الأقربين لي ، هؤلاء الناس هم من صنعوا ذلك الشخص الذي تراه أمامك الأن “

 

  • ” السنين وتجارب الحياة القاسية ، المعضلة الرئيسية أننا لن نملك إلا حياة واحدة “

 

  • ” كفرت بما كنت أقاتل من أجله في الماضي ، ربما أظهرت الحياة لي وجهاً أخر للحقيقة، وجهاً مغايراً تماماً ….ربما كنت ساذجاً فأحسنت الظن بالحياة وبالبشر ، لا أدري ؟ ولكن من دون شك إنني الأن أكثر قسوة من ذي قبل “

 

  • “رحل والدي وأنا في العشرين من عمري ، وبرحيله تزلزل كياني كله وحل عقلي وسكن روحي شخصاً أخر ، شخصاً غير ذلك الشاب الذي كان لا يقيم للدنيا وزن حين كان أبوه هناك حي يرزق ! “

 

  • ” الغدر ….. تغيرت ولا أشعر بالأمان حتي حين أكون هناك بين أقرب الأقربين لي !”

 

  • “الخوف ، كنت فيما مضي لا أكترث كثيراً للحياة وللمستقبل وما سيأتي وما سيجد من أمور ، وحين تحملت المسئولية صرت أهتم بما هو قادم بل أشعر بالخوف مما هو قادم ، البعض يقول عني أنني تغيرت وأصبحت (كئيباً طوال الوقت ) “

 

  • “تربيت في أسرة متدينة، كنت أذهب إلي المسجد وأحفظ من القرأن الكريم ما شاء الله لي من حفظ، وأثر في شخصيتي وفي أفكاري خطيب المسجد فتبلورت بعض الأفكار في رأسي، لقد كنت سعيداً في تلك الأيام ، أتفه الأمور كانت تسعدني ، الرضا كان يغمر تلك الأيام ، ثم أنفتحت علي العالم وسافرت للعمل بالخارج، وأنجرفت وراء الصراعات حتي أصبح لا شيء يرضيني، كم أشتاق إلي نفسي والي ما كنت عليه في تلك السنوات “

 

 

  • ” إنه التطور الطبيعي للإنسان وحياته، علي الرغم من كل التحذيرات وكل ما سمعته من نصائح إلا أنني أثرت أن أخوض التجارب بنفسي وأكتشف ما سيحدث، ثم أدركت وتغيرت ، كما تقولون لقد تعلمت بالطريقة الصعبة والمؤلمة “

 

وفي قصتي “حكايات هشام جاد” والتي كتبتها منذ ثلاث سنوات وجدتني أكتب علي لسان بطل القصة تلك العبارة

 

“لطالما تمنيت أن أنزع سنوات عمري عن نفسي وألقي بها بعيداً، تمنيت أن أبدأ الحياة من جديد وكأن ما مضي من سنوات كان كتدريب علي الحياة وليست الحياة ذاتها ! “

 

ربما أردت أنا أيضاً تلك الحقيقة وعبرت عنها علي لسان بطل القصة (لا أذكر بالتحديد مشاعري ساعتها !)

 

الجمهورية أونلاين

الخميس 28 نوفمبر 2019

Leave a Reply

Your email address will not be published.